شبيبة مار فرنسيس بالجيزة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي شبيبة مارفرنسيس بالجيزة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرسالتان إلى كورنتوس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ramy adwer
مدير المنتدي
مدير  المنتدي



المساهمات : 382
تاريخ التسجيل : 06/08/2008
العمر : 33

الرسالتان إلى كورنتوس Empty
مُساهمةموضوع: الرسالتان إلى كورنتوس   الرسالتان إلى كورنتوس I_icon_minitimeالأحد أغسطس 10, 2008 9:56 pm

بقلم: الأب بولس الفغالي

كورنتوس هي مدينة هلنستية تعدّ نصف مليون نسمة. إزدهرت بفضل موقعها الجغرافي. هي تمتلك مرفأين: واحد على بحر إيجيه، والثاني على البحر الادرياتيكي. جمعت، شأنها شأن سائر المدن العظمى في ذلك الزمان، شعباً اختلط فيه العبيد بالأحرار والأغنياء بالفقراء.
أقام فيها بولس سنة ونصف السنة، فشيّد جماعة ظلّ مرتبطاً بها بعد ذهابه (أع 18: 1- 18). والرسالتان إلى كورنتوس هما جزء من مراسلة الرسول مع هذه الجماعة المطبوعة بالخلافات الداخلية، وبتحوّلات في طريقة التعبير عن ايمانها وعيشه.

أ- الرسالة الأولى إلى كورنتوس
يشير بولس بنفسه إلى مناسبة هذه الرسالة: مرّ أهل خلوة في أفسس وأعطوه أخباراً مقلقة. فعزم على الكتابة (1: 11). واستفاد من الظرف فأجاب على أسئلة أخرى طرحها عليه بعض الكورنثيين (7: 1؛ 18: 1؛ 1:12).
لم يؤرّخ بولس رسالته. ولكن يبدو أنه كتبها في بداية سنة 56 في افسس (8:16).
بعد هذا يبقى لنا أن نقرأ هذه الفصول الستة عشر حيث يعالج بولس عدداً من المواضيع. كلها مهمّة وهي تساعدنا على التعرّف إلى حياة الكنسية في مدينة كبيرة من مدن الامبراطورية الرومانية.
نقدم أولاً نظرة إجمالية- ثم ندرس مقطعين مهمين.

1- نظرة اجمالية
اولاً: سؤال أهل خلوة (ف 1- 4)
بعد أن أنهى بولس فعل الشكر، عالج سؤالاً طرحه عليه أهل خلوة. أكّد بعض الكورنثيين: "أنا أنتمي إلى بولس، وأنا إلى أبلوس، وأنا إلى كيفا (بطرس)" (1: 12). وهكذا دلّوا بكلامهم على ارتباطهم بالرسول، كما يرتبط العبد بسيّده. هم كالعبيد ينتمون إلى رئيس مشهور. إشتعل بولس غيرة وأدخل توسّعاً طويلاً حول معنى الصليب، وهذا ما أتاح له أن يقلب كلام الكورنثيين وأن يؤكد: إنقلبت العلاقات التراتبية في المسيح: الرسل هم خدّام في الكنيسة وليسوا رؤساء أو اسياداً.


ثانياً: حادث زنى ومحاكم (ف 5- 6).
يعالج ف 5- 6 حادث زنى (ف 5) ومسألة الدعاوى بين الاخوة (6: 1- 11). فإذا أردنا أن نكتشف فائدة هذين الفصلين، نبحث عن الأسباب التي دفعت الكورنثيين ليتصّرفوا بهذا الشكل. ظنوا حين ارتدّوا انهم بلغوا إلى عالم الله، فلم تعد الأعمال التي يعملونها في هذا العالم الدنيء بذات أهمية.
فعارض بولس هذه النظرة إلى الحياة المسيحية التي تغلغلت فيها عقلية ثنائية لا يستطيع فيها هذا العالم أن يتّصل بعالم السماء، وشرح موقفه خصوصاً في 6: 12-20. فإذا أردنا أن نفهم هذا النص، علينا أن ندرك معنى كلمة "جسد"، في نظر بولس: الجسد لا يعارض النفس ولا الروح. الجسد هو الكائن كله العائش على الأرض. لهذا نقرأ النص فنجعل مكان الجسد "الإنسان " أو "الكائن البشري " أو الضمير "نحن "، "أنتم ". حينئذ نعرف أن بولس يعارض تصرّف بعض الكورنثيين. ويؤكدّ أن الكائن البشري كلّه مدعو لكي يقوم (6: 14)، ليكون عند المسيح (15:6)، ليكون هيكل الروح القدس (19:6).

ثالثاً: الزواج والبتولية (ف 7)
يجيب بولس في هذا الفصل على إعتراض متطرّفين يعتبرون أن كل علاقة جنسية (حتى في الزواج) هي خطيئة، ويورد في آ 1 كلامهم: "خير للرجل أن يمتنع (أن لا يمس) عن المرأة".
نصح بولس المتزوجين بأن تكون لهم علاقات جنسية لئلا يحترقوا من الشهوة (7: 5- 9). أجل، بولس هو إنسان من عصره الذي لم يكن يعتبر العلاقات الجنسية تعبيراً عن الحب. وأكد الرسول أيضا أن المتزوّجين منقسمون، فلا يستطيعون أن يهتموا بخدمة الرب وحده (19:7- 35). وهكذا يقرّ أنه لم يدرك كيف يدخل هموم الدنيا في الحياة المسيحية.
وبعد هذا يعلن قولاً ثوروياً. ففي حضارة يسيطر فيها الرجال، يتجاسر ويتحدّث عن المساواة (7: 2- 7). قد تضلّلنا اللغة التي يستعملها. إنه يتحدّث عن "الواجبات " ويستعمل كلمات لم نعد معتادين عليها: تسلّط، امتنع. ولكن بولس أراد أن يشدّد على أن العلاقات الجنسية هي علاقات يعيش فيها الرجل والمرأة المساواة، وهي مساواة غير معقولة في تلك الأيام. ما هي أسباب هذه الثورة؟ لا نجدها في 1 كور 7 بل في غل 27:3- 28: "لا فرق بين رجل وامرأة. فأنتم كلكم واحد في المسيح يسوع ".
وفي نص آخر من هذه الرسالة يحدّد بولس موقع المرأة في الجماعة المسيحية (11: 2- 16). واجه ممارسات أغضبته، فاستعمل براهين تصدمنا، ولكنها مأخوذة من القرن الأول المسيحي. لا نستطيع أن نحمّل هذا النص أكثر مما يقدر أن يحمل. ولا ننسى أن بولس أقرّ بمكانة المرأة في نشاط الكنيسة الرسالي. هو يحيّى فيبة الشمّاسة في الكنيسة (روم 16: 1) ويسمّي برسلكة معاونة له، مثل أكيلا (روم 6: 3) ويونياس رسولة مشهورة (روم 16: 7). لم يتوصّل بولس أن يجمع الفكر اللاهوتي مع الممارسة اليومية بشكل مرضٍ. إنه يقدّم تعليماً جديداً، ولكن التعبير عن هذا الجديد في الواقع اليومي ظلّ محدوداً.

رابعاً: ذبائح الاوثان (ف 8- 10).
ووصل بولس إلى سؤال آخر طرحه الكورنثيون: اللحوم المذبوحة للأوثان. ما هو الموضوع؟ إعتاد الوجهاء أن يقدّموا ذبائح (من البقر أو الخراف) لآلهة المدينة العديدة. وكانت هذه اللحوم تؤكل في حرم الهيكل خلال ولائم مكرّسة (8: 10) أو تُباع على يد الكهنة في السوق بأسعار بخسة (10: 25). وكان عدد من الفقراء يستفيدون من الظرف ليأكلوا طعاماً لا يحصلون عليه عادة. ولكن كان لهذا اللحم شبه سلطان وهو بأن يوحدّ الإنسان مع الآلهة الوثنية (19:10- 22). لم يعتقد بعض الكورنثيين بهذا، فكانوا يأكلون من هذه اللحوم ولا يهتمون. فتشكّك الآخرون بسلوكهم.
أجاب بولس في ف 8 أن المؤمنين هم أحرار بأن يأكلوا من اللحوم المذبوحة للأصنام. غير أنه زاد أن هذه الحرية تزول إذا كنت أشكك أخي. من شكك أخاه أو جعله يسقط أخطأ ضد المسيح (8: 11- 12)، وهكذا ترجم يقيناً مشتركاً بين كتاب العهد الجديد: حب الله وحب القريب فضيلة واحدة.

خامساً: اجتماعات المسيحيين (ف 11- 14)
وعالج بولس ممارسات يعيشها المسيحيون حين يجتمعون.
بعد أن ذكر بولس بقواعد خاصة جداً (11: 2- 16)، عارض طريقة الكورنثيين في الاحتفال بعشاء الرب (أي: القداس، 11: 17- 34). بعضهم يسكر والآخر يجوع، لأن ليس له ما يأكله (11: 21-22). تتسجّل هذه الممارسة في المناخ الديني في ذلك العصر. يعتبرون أن المهم ليس الاتحاد بالاخوة والمشاركة معهم بل الاتحاد اتحاداً فردياً بقدرة الله. شجب بولس هذا السلوك بقساوة (11: 20) منظماً فكره حول كلمة "جسد". تذكرنا الافخارستيا بالعشاء الذي فيه أسلم يسوع جسده (حياته). وإذ يُعيد المسيحيون هذا العشاء (11: 23- 26) يتّحدون في الجسد (وفي حياة) الذي أسلمه يسوع. وعليهم أن يدلّوا على أن هذا الاتحاد صحيح في اتحادهم بالأخوة، في المشاركة مع الأخوة في الجسد الذي يكوّنون (10: 16 ؛ 29:11:17؛ 12:12- 31).
وتعالج ف 12- 14 أموراً تظهر في الجماعات المسيحية: الانخطافات (المواهب). هناك بعض المتدّرجين يحرّكهم الروح فيدخلون في انخطاف ويتلفّظون بكلمات لا يمكن فهمها (14: 2- 9). هذه الظاهرة المعروفة في الديانات السرّانية تدل على علاقة فريدة بين هؤلاء "المخطوفين" والله. لا يعارض بولس وجود هذه الظاهرة ولكنه يوّد أن يجعلها في خدمة الجماعة (12: 4- 11؛ 14: 1ي). وإذ أرادهم أن يدركوا الانقلاب الذي يقوم به، صاغ تشبيه الجسد ودوّن نشيده الشهير عن الحب (13: 1ي).

سادساً: القيامة (ف 15).
ذكر بولس في هذا الفصل أنه تسلّم من الكنيسة الايمان بقيامة المسيح. تدخلنا آ1- 11 إلى سؤال طرحه بعض الكورنثيين حول قيامة الموتى (آ 12). ورأوا أنه لا يُعقل أن يستطيع الموتى أن يقوموا (آ 35). فالبشرية الارضية هي في نظرهم لباس لا يليق بالحياة الأخرى. نظرتهم هي نظرة عالمهم المنغمس في الثنائية على طريقة الديانات السرّانية أو الفكر الغنوصي.
إستند بولس إلى الايمان الذي تسلّمه، فأكّد أن قيامة المسيح هي باكورة (أول ثمرة) كل قيامة (آ 20- 26). ولكي يركز برهانه، قدّم المسيح على أنه آدم الجديد (آ 37-50). وهكذا صاغ تبريراً ايمانياً أصيلاً، تبريراً يرتبط بقراءة سفر التكوين قراءة خاصة تستلهم بعض الأوساط اليهودية. فهناك بعض اليهود المتأثرين بالحضارة الهلينية، قد فسرّوا خبرَيْ سفر التكوين كخبرين يتعلّقان بإنسانين مختلفين. الأول يعني الإنسان السماوي، الابدي. يعني آدم الحقيقي. والثاني يعني إنسان هذا الارض، الإنسان المائت والغارق في المادة. إٍستلهم بولس هذا التفسير وقلبه. فآدم الجديد في نظره ليس نموذجاً سماوياً أول، بل يسوع التاريخ، يسوع القائم من الموت.
ويهتم ف 16 بأمور عملية: اللمّة من أجل كنيسة أورشليم، مشاريع سفر، توصيات وسلامات. وتنتهي هذه الرسالة الطويلة: "محبتي لكم جميعاً في المسيح يسوع".

2- مقطعان مهمان
نتوّقف هنا عند مقطعين. الأول (18:1- 2: 5) هو جزء من جواب بولس إلى أهل خلوة. والثاني (12: 12- 31) يُبرز الطريقة المسيحية لنعيش مواهب الروح.

اولاً: لغة الصليب (1: 18- 2: 5)
حين نقرأ هذا النص، نتذكرّ مقطعاً آخر يعرّفنا إلى الوضع الاجتماعي لعدد من الكورنثيين (1: 26- 31، محتقر، مزدرى، ضعيف). لماذا يورد هذه الصفات؟ ليشدّد على عظمة الاختيار الذي قام به الله (دعاكم، 1: 26؛ اختار 1: 27، 28). ماذا يعني هذا الكلام؟ هل يميّز الله الفقر كحالة نعمة خاصة؟ هل يشبه هؤلاء الذين يمتدحون الفقراء دون ان يبذل حالتهم؟ هذا ما نكتشفه بالعودة إلى النص.

* قراءة اولى
نجد في النص سلسلتين من التعارضات: الحماقة/ الحكمة، الضعف/ القوة. من هو صاحب هذه الكلمات؟ من جهة، المصلوب، الكورنثيون، بولس. من جهة ثانية الحكماء في هذا العالم والأقوياء. ونلاحظ أيضاً أن مفردات الحماقة والحكمة، والضعف والقوة، تخصّ تارة الفئة الأولى وتارة الفئة الثانية. هناك انقطاع بين الظاهر والواقع: ما هو حكيم وقوي في نظر العالم ليس كذلك في نظر الله والعكس بالعكس.
ما هو سبب هذا الانقطاع؟ ما الذي قلب الأمور رأساً على عقب؟ صليب المصلوب (18:1، 23- 24، 30؛ 2: 2). كل هذا يذكرّنا بحدث يحملنا على الشك بالقدرة الله. فالصليب عذاب محفوظ للعبيد والثائرين على المملكة الرومانية. وقد رأى فيه اليهود علامة اللعنة الالهية (غل 13:3). في هذا الصليب صار يسوع مسيحاً (33:1). وأوضح بولس ما يعني بكلمة مسيح فقال: "قوة الله وحكمة الله " (1: 24).
المصلوب هو "قوة الله " لأنه يكشف تدخّل حب الله في هذا العالم. المصلوب هو حكمة الله، لانه "بر وقداسة وفداء" (1: 30). هكذا فسرّ بولس العبارة فدل عبر هذه الكلمات الثلاث على أن المصلوب يخلّصنا.
هذه اللغة لا يفهمها إلا الذين يتجرأون بأن يعيشوا الصليب. أما الآخرون فهي لهم حماقة وشك على مثال ما نجد عند بعض الكورنثيين.

* بحث عن الحكمة
في هذا النص نجد لغة الحكمة حاضرة حتى في الحديث عن المصلوب، وهي لغة لا تُستعمل كثيراً في سائر نصوص العهد الجديد. أخذها بولس من بعض الكورنثيين الذين يعيشون إيمانهم على أنه حكمة جديدة. هم يبحثون لدى معلّم روماني، على مثال الداخلين في التيارات الغنوصية، عن معرفة موحاة تثبتهم في العالم الالهي (2: 6- 16). وهكذا يصبحون "كاملين في امتلاك أسرار الله.
عارض بولس هذه النظريات وجعل من الصليب الحكمة الحقة والخلاص للذين يتقبلّونه. فعلَ هذا، لأنّ الكورنثيين مالوا إلى إلغاء الصليب والمصلوب ليحلّوا محلّه مسيحاً مجيداً. وأراد أن يشدّد أيضاً على القول بأن الخلاص لا يمتلك وكأنه حكمة. إنه نعمة وعطيّة.
ويبرز بولس الظروف التي فيها حمل انجيله (2: 1- 5)، كما يُبرز أصل الكورنثيين الاجتماعي (1: 26- 31). هو إنسان من عصره يعرف أن التبدّل في الجماعات أمر صعب. ولكنه يؤكدّ أن الانقلاب الذي يتممه الصليب يحصل في تراتبية القيم. وهذا الانقلاب يرمز إليه الاختيار الذي به اختار الله الكورنثيين.

ثانياً: جسد واحد وأعضاء كثيرة (12: 12- 31)
حين قابل بولس المسيحيين بأعضاء في جسد (في كائن بشري)، قدّم صورة جديدة. فهو الكاتب الوحيد في العهد الجديد الذي يستعمل هذه الصورة.

* قراءة أولى
نبدأ فنلاحظ تكرار "واحد" واستعمال "كل " تجاه لفظة "كثير". هكذا يشدّد بولس على وحدة الجسد. ونستشّف أهمية هذه الوحدة في الكلام الذي يضعه في "فم " كل عضو من الاعضاء: "لا أحتاج إليك ". بما أن بعض الأعضاء لا يملكون مواهب خارقة، يظنون أنهم مُبعدون (12: 15- 17). ومقابل هذا، يحتقر الآخرون أولئك الذين لم يحصلون على مثل هذه المواهب (12: 21).
قدّم بولس موقفه، فماثل بين المسيح وبين الجسد الذي يكوّنه المسيحيون. أكّد في آ 12: "وكما أنّ الجسد واحد وله أعضاء كثيرة هي على كثرتها جسد واحد، فكذلك المسيح" . وفي آ 27: "فأنتم جسد المسيح، وكل واحد منكم عضو فيه". هذان التأكيدان يقدّمان توازياً بين المسيح وبين الجسد الذي يؤلفه المسيحيون. تأكيدان فريدان في كل العهد الجديد. لماذا صاغهما القديس بولس؟

* الجهاد الذي يقوم به بولس.
منذ البداية ارتبط العماد بعطية الروح القدس. ولكن ظنّ بعض الكورنثيين أن الروح يُقيم في المسيحيين بدرجات متفاوتة، وأن مستوى كمالهم يظهر في انخطافات لا يستطيع أحد أن يسيطر عليها (1 كور 14). لا حاجة إلى القول في ان السلطان يعود إلى الذين ينعمون بهذه "الانتقالات ". وحين فهم الكورنثيون عطية الروح بهذا الشكل، ترجموا الايمان الذي نالوه في عقليّتهم الفردية. ونقلوا مفهوم السلطة إلى عالمهم التراتبي. كما أن السلطة تعود في المدن الهلنستية إلى الوجهاء الذين يستطيعون أن يبسطوا غناهم، كذلك تعود السلطة في الجماعة إلى الذين يدلّون على تفوّقهم بمواهب الانخطاف.
وقلب بولس هذه الأفكار رأساً على عقب. لم يقلّل من قيمة موهبة الروح القدس، بل جعلها عامل وحدة لا عامل اختلاف (12: 11، 13). وعارض امكانية الحصول على هذا السلطان بالأمور الظاهرة. فذكرّهم أن السلطة تخصّ أولئك الذين يبنون الجماعة لا أولئك الذين يبنون أنفسهم (14: 4).
واتخذت عبارة "أنتم جسد المسيح"، كل وزنها في هذا السياق. أكّد بولس: تعيشون متحدّين في المسيح حين تكونون شعباً واحداً. تظهرون حضور المسيح معاً أو لا تظهرونه. وهكذا حارب بولس الفردية الدينية لدى الكورنثيين وقلب سلّم القيم الذي تعوّدوا عليه.

ب- الرسالة الثانية إلى كورنتوس
دوّنت هذه الرسالة "الملتهبة" حوالي سنة 57. رسالة واحدة وهي تدلّنا على توتّرات خطيرة بين بولس والكورنثيين. وهذه التوترات تتركّز على سلطة الرسول، فتملأ أحد عشر فصلاً من أصل ثلاثة عشر هي كل الرسالة.

1- سلطة بولس على المحكّ
إتهموا بولس بأنه لا يفي بوعوده (1: 12- 24). واعتبروه قوياً في رسائله ضعيفاً بحضوره (10: 9- 18). واعتقدوا أنه ليس على مستوى السلطة التي يطالب بها (16:2؛ 3: 1- 2).
مهما يكن أصل المتهّمين، فهم يرون في الاضطهادات التي تصيب بولس؟ مع النتائج التي تليها (هرب، تبدّل في المشاريع...) علامة بأنه لا يستحقّ أن يكون رئيس الجماعة. تلك هي الصورة التي يكوّنونها عن رئيسهم. تقرّ به الجماعة بسبب صفاته الباهرة: إنهم ينقلون إلى عالمهم الديني نموذج السلطة الذي يمثلّه الوجهاء في الحواضر الهلنستية. وبولس نفسه يجاريهم في نظرتهم. هذا ما يظهر لنا حين نقرأ 14:2- 4: 15 حيث يحدّد خدمة العهد الجديد. يكرّس المفردات التي تبرزه وترفع من قيمته (المجد، النور، الحياة)، ويستعمل صوراً تعطيه مهابة وسلطاناً على الموت والحياة (النصر، البرقع). إنه يرى تماثلاً بين السلطة من جهة، وبين السلطة والمجد من جهة أخرى. يظنّ هذا، وفي الوقت عينه يرى أن الرسل يعيشون الضعف والانسحاق (صورة الآنية من خزف، صورة المحاربين في الحلبة، 7:4- 9). وسيقول في النهاية: حين يعيشون هذا الجهاد (النزاع)، يعيشون خدمة المجد (4: 10- 12؛ 6: 1ي). وحين يكونون ضعفاء، يكونون أقوياء (12: 10).
هذه المفارقة ليست حيلة يستعملها بولس لكي يخفي الحقيقة. إنه يجد أصلها في موت يسوع وقيامته اللذين يعيشهما التلاميذ على خطى معلّمهم (4: 10- 15). منذ الآن، ظهرت لهم الكرامة والمجد في آلام المسيح وموته اللذين فيهما تسطع قوّة الله.
وإذ فهم بولس السلطة حسب مقاييس عصره، بدّل هذه المقاييس بواسطة ايمانه بالمسيح. وفي مجتمعنا هناك مقاييس أخرى منها الخبرة والاهلية والمشاريع التي حققناها... مثل هذه المتطلّبات تحوّل نظرة الكنيسة إلى السلطة. ولكنها سلطة يجب أن تدلّ دوماً على سر موت المسيح وقيامته.

2- اللمّة من أجل كنيسة أورشليم
في ف 8- 9 ذكّر بولس الكورنثيين بالتزامهم بهذه اللمّة. تكلّم فشدّد على حياة يسوع، وفسرّها على أنها عمل سخاء وفقر اختياري (9:Cool، وأكدّ أن أن الله يغمر المعطي بعطاياه (7:9- 11). إن هذه البراهين الدينيّة تبرز الاهميّة التي يعلّقها بولس على هذه اللمّة، على هذا التبرع و (الاحسان) من أجل الفقراء في أورشليم.
وإذ أراد بولس أن تجري الأمور بأحسن حال، إتخذ وسائل غير عادية: أرسل الموفدين (8: 16- 24 ؛9: 1- 6). ذهب هو شخصياً إلى أورشليم مع ما في هذا الذهاب من مخاطرة بأن يوقَّف (روم 15: 30- 33). وهكذا أراد أن يردم الهوّة التي تفصل كنيسة أورشليم عن الكنائس التي أسسَّها في العالم الوثني (9: 13). وأراد أيضاً أن يسدّ عوز المحتاجين، أن يسدّ حاجات (المادية) الاخوة القديسين (9: 12). نحن نعرف أن مجاعة قوية إجتاحت اليهودية سنة 49- 51. إرتفعت الأسعار، وزادت الديون على الناس، وسيطر الفقر والعوز.
لقد عمل بولس ما عمله ليترجم في الواقع اليومي المتطلّبات الاجتماعية الموجودة في الإنجيل، وهكذا عادت المساواة: الذي جمع كثيراً لم يفضل عنه. والذي جمع قليلاً لم ينقصه شيء (13:8- 15).
مع تحيات RAMY ADWER
zoserzoro@yahoo.com
0123023209
king
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرسالتان إلى كورنتوس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبيبة مار فرنسيس بالجيزة :: منتدى الكتاب المقدس :: تفسيرات العهد الجديد-
انتقل الى: